إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح القواعد الأربعة
25554 مشاهدة
الشفاعة المثبتة

...............................................................................


ذكر المؤلف بعد ذلك أن الشفاعة نوعان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة؛ وذلك لأن أكبر ما يتشبث به المشركون من القبوريين ونحوهم الشفاعة، فلأجل ذلك نفى الله تعالى الشفاعة إلا بإذنه.
ففي قوله تعالى: وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ أي: بعد أن يأذن الله له، وفي قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ بين أن الشفاعة المثبتة لا تكون إلا بإذنه.
وذكر العلماء أن لها شرطين: الإذن للشافع، والرضا عن المشفوع فيه، ذكر الله الشرطين في قوله تعالى: وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ هذا الإذن، وذكر الرضا في قوله: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وذكرها في قوله تعالى: لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى هذا الإذن: أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى هذا الرضا، فإذا كان لا بد فيها من الإذن، لا بد فيها من الرضا، فلا تحصل لمن طلبها من غير الله.
الله تعالى ذكر أنه مالك ذلك، قال الله تعالى: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ؟ يعني: أتتخذونهم وهم لا يملكون شيئا؟! الملك لله وحده، ولا يعقلون؛ لأنهم أموات، يعني في تلك الحال. قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا أي: تطلب من الله. لله وحده الشفاعة جميعا؛ فاطلبوها من الله، لا تطلبوها من غيره. وذلك بأن يقول: اللهم شفع في نَبِيَّك، اللهم اجعلني ممن تناله شفاعة الشافعين. هذا طلبها من الله تعالى، أو تأتي بأسبابها، وهو التوحيد، أن الشفاعة لا تنفع إلا لأهل التوحيد، فَأْتِ بالسبب الذي تكون به من أهلها، فإذا كنت كذلك فإنك ممن تناله شفاعة الشافعين.
الكلام على الشفاعة مذكور أيضا في كتاب التوحيد في: باب ما جاء في الشفاعة، وكذلك أقسام الناس فيها.
والمشركون الأولون والآخرون يثبتون الشفاعة بدون إذن الله، ويضربون مثلا لملوك الدنيا، فيقولون: أنا من عامة الناس، لا أستطيع أن أدخل على الملوك، فإذا اتخذت شفيعا قضيت حاجتي، هذا الشفيع يكلم لي أحد الملوك، فتقضى حاجتي، فيقولون: إن الله ملك الملوك، فنتخذ من هؤلاء الذين هم مقربون عنده من يشفع لنا، ويتوسط لنا، نحن ندعوه، وهو يدعو لنا الله! هكذا شبهتم.
والجواب: أن هذا قياس باطل، فالملوك بشر، الملوك من جنس بني آدم، لا يعلمون الصادق من الكاذب، ولا يتسعون لمخاطبة جميع الناس، وأيضا لا يعلمون ما في الضمير، فلا بد أن يتخذوا من يثقون به من المقربين عندهم، كوزراء وحراس وخدام أو كُتَّاب، أو حساب، فيثقون بهم.
وأما الرب تعالى فإنه أعلم بخلقه، فلا يحتاج إلى من يعلمه بهم؛ بل هو عالم بما في صدورهم وما في ضمائرهم، يعلم المخلص من غيره، وهؤلاء الشفعاء -ولو كانوا أنبياء أو أولياء أو سادة أو قادة أو نحوهم- لا يعلمون ما في الضمير؛ بشر! فلا يعلمون: هل أنت مخلص؟ ولا يعلمون هل أنت ذكي؟ هذا أمره خفي، فلا جرم، لا يجوز قياسهم على الله تعالى، وهذا هو الرد على هؤلاء.